قال لي صديقي و زميل المهنتين الشاعر الراحل الأستاذ محمد عثمان كجراي في أمسية من أماسي الحوار في شؤون الشعر و الصحافة و السياسة "للشاعر أصدقاء كثر و لكن يبوح الشاعر دائماً بسره لواحد منهم يعرفه و يثق بنضجه و قدراته المهنية" و كان الصديق الشاعر يعرف بطبيعة الحال إكتراثي الشخصي بهذا المبدأ الذي يتحدث عنه و عملي به لسنوات عديدة. إستدعت هذه القصيدة ذلك القول كما إستدعت سؤال الشاعر لي عن الأبيات الأربعة الأخيرة. و كنت وقتها أدرك تماماً ماذا قصد الشاعر و من قصد بتلك الأبيات التي تعبر عن الحالة السياسية الجدارية الأخيرة للعاصمة الرسمية اسمرا.
البحر الجميل المخيف
كانت الشمس غانية فى الفضاء المديد..
نزعت ثوبها القرمزي
وألقت به في البعيد البعيد..
وتعرت لتهمس في وجه مرآتها مثل كل النساء..
حولها تتطلع كل العيون الكحيلة..
والعيون التي اختزنت
في براءتها كل لغو الطفوله..
تشرئب الأزاهير في وجدها
تتفتح مبهورة في اخضرار الخميله..
ها أنا أرقب الطل ينثر بلوره
فوق سطح النبات..
وأري طائر الرهو سربا
يسير على الأرض مثل لفيف من الراهبات..
ها أنا أرصد البحر هذا الجميل المخيف العميق..
أشهد الفجر يولد في خيمة للظلام الصفيق...
فالتواريخ تلعق أرقامها..
تستعيد مجاهل أيامها..
وهي تعبر كالضوء من عالم كوكبي سحيق..
والنجوم الجوارى..
حدّقت فوق عمق المدى في اتساع البرارى..
وأنا مترع بالحروف
بالكلام المموسق يجتاز كل حدود الرؤى
فوق تعريشة الجاذبيه
الفراشة في عالمي
لغة للقصائد تستبدل اليوم ألوانها..
تستحم على النبع عارية
ثم تلبس في لحظة الزهو فستانها..
حين تعبر بي في سماء الحقول
تعيد إلى لغة الشعر أوزانها..
إنني الآن أدرك ان النهار..
لغة الضوء ينضح بالشوق والأنبهار..
ولهذا أنا أمقت اليوم ظل الجدار..
هو ظل الفجيعة
والعدم المتسمر في
قاعة الأنتظار
_____________
If you knew the Sudanese poet, Mohammed Osman Kajarai, please write about him at the link above. Click on the headline.